هل أصل الوجود دوائر؟

ماهية الدائرة:

قد نعجب بزهرة الياسمين هذه، ومن استدارتها بهذا الشكل المتكامل، لكن لم يخطر ببالنا أن الدائرة هي شكل أساسي في الطبيعة، وأنها تستوجب الدراسة. لقد استشعر إنسان الحضارات الدائرة في الأشياء المستديرة حوله، واستنتجها من شكل البدر والشمس وغيرهما متسائلاً: كيف استدارا بهذا الشكل المثالي، ونحن لم نسأل لأننا كسولون. إن الدائرة أكثر من كونها منحنى يلتف ليلتقي بالنقطة الأولى، إنها إعلان عن تعريف جديد للإنسان بأنه كائن مكتشف الدائرة.

تأسست ماهية الدائرة منذ أعمال إنسان الحضارات الأولى الذي فضّل الدائرة عن غيرها من الأشكال لابتكار مواصلاته، فالدائرة كانت أقرب إلى سلوك طريق بلا نهاية ولهذا صنع العجلة على هيئتها، وكانت أقرب إلى المقدس فجعلها أساسية في العمارة التي تذهب إلى الآلهة مباشرة، فهي أكثر الأشكال مثالية للتقرب من الإله، الملوية مثالا على ذلك، والمآذن التي لا يخرج مقطعها من الشكل الأسطواني عن الدائرة. وارتباط الدائرة بثقافة التقديس نشهده اليوم أيضا حيث العمارة المقدسة تمتاز بالقبب والزخارف التي تلعب بها الدائرة دوراً مركزياً.

من حسن حظنا في وقت ما من زمن البابليين ارتبطت الدائرة المقدسة بالأرقام، عندما راقب البابليون الشمس ظناً منهم أنها تتحرك حول الأرض بمقدار ثابت كل يوم وتوصلوا إلى أنها تُكمل حركتها هذه بـ ٣٦٠ درجة، وهو رقم يوازي أيام السنة، فانطلاقاً من مفهوم العدد الستيني للبابليين إذا وضعنا ٦ مثلثات متساوية الأضلاع داخل الدائرة بحيث يساوي كل مثلث ٦٠ جزءً، فـإن ٦*٦٠= ٣٦٠، وقد حقق هذا الرقم قياساً دقيقاً لدرجات الدائرة، كونه قابل للقسمة على الأرقام من ١ إلى ١٠ ما عدا السبعة، وهذا يجعلنا قادرين على تقسيم الدائرة إلى أجزاء كثيرة من دون باقي.

كيان الدائرة:

إن أول ما جعل للدائرة كياناً عندما نُسبت لها أجزاء تمثلت بـالمحيط، المركز، القطر، نصف القطر، و بانفجار العقل العددي. تجسد كيانها من خلال الإعتقاد بوجود علاقة وثيقة تربط بين محيط الدائرة وقطرها منذ زمن البابليين والمصريين، وإنه يمكن قياس هذا الرابط، ثم تعزز وجود هذا الكيان باكتشاف نسبة ثابتة بين محيطها وقطرها. حيث تم التوصل إلى أنه بتقسيم محيط أي دائرة على قطرها تظهر لنا نسبة ثابتة في كل مرة تساوي تقريبا ٧/٢٢ والتي تساوي ٣.١٤ وهي النسبة التي عرفت بـ ( π ) (باي) او (ط)، وأرخميدس هو الذي توصل إليها بالدقة الأخيرة بعد طرح الحضارات السابقة نسباً مقاربة لها.

وكان أول من اعتمد رمز النسبة الثابتة هو وليم جونز عام ١٧٠٦ وروج له ليونارد أويلر لاحقاً في أبحاثه، ثم دخل هذا الثابت في الرياضيات المتطورة من حساب الاحتمالات والتكاملات والتفاضلات. ومنذ إيجاد هذا الثابت المهم أصبح بالإمكان حساب الدائرة سواء من خلال مساحتها لو كان نصف قطرها معلوم وفق الصيغة: م = ط * نق٢ أو من خلال محيطها لو كان قطرها معلوم وفق القانون: محيط الدائرة= ط * القطر  او محيط الدائرة = ط * نق *٢

هل الدائرة كرة؟

جذب شكل الكرة الفلاسفة من طاليس مروراً بأفلاطون وأرسطو والفلاسفة المسلمين فاستوحوا منه شكل الدائرة منجهة، ومن جهة أخرى أسسوا لعلم الفلك الذي عنى بدراسة المكورات كالأجرام السماوية وقبة السماء من دون أن ينسوا المكورات الأرضية،..الخ، ويمكن القول إن شكل الكرة أقرب ما يكون إلى الدائرة، فالكرات هي إيحاء لتجسيد شكلاً أكثر تجريد او هو (الدائرة)، لكن الفرق هو ان الدائرة ذات بعدين أما الكرة فهي بثلاثة أبعاد، والدائرة مثالية بمسافاتها بين المركز والمحيط، بينما المكورات الطبيعية تفتقد لهذه الصفة. وتمتاز الكرة بأن لها حجم على عكس الدائرة. كما يجب ان نعرف أن مساحة الكرة تساوي أربعة أضعاف مساحة الدائرة. لهذا إذا اردنا حساب مساحتها فسيكون وفقاً للصيغة التالية: م= ٤* ط * نق٢ أما حساب نصف قطرها فسيكون وفقا للصيغة التالية: نق= (م/ ط ٤)√ أما حساب حجمها فيجب أن يكون بالوحدات المكعبة وفقا للصيغة التالية: ح = ٣/٤ * ط * نق٣ كنا لحد الآن بصدد دراسة الدائرة على مستوى إبصارنا الطبيعي والمجرد، فتجسدت أمامنا دوائر رياضية هندسية… لكن ماذا لو بحثنا عن الدوائر في عالم الظواهر الصغيرة، أي عالم الذرة؟

الدقة واللادقة سبيلا لنظرية الدوائر المجهرية:

كان الأصل العلمي للكون في زمن نيوتن هو المادة على أساس أن أصغر جزء بالمادة هو الذرة غير القابلة للانقسام -(وبالمناسبة الذرة تبدو نقطة، وهو شيء شبيه بالدائرة)- ولكن ذهب هذا الرأي في مهب الريح عندما اتضح إن الذرة ليست أصغر جزء بالمادة، بل إنها تنقسم إلى أجزاء أصغر منها، ليس لها أبعاد ولا خصائص مادية بل هي شحنات/ طاقة متمثلة بالإلكترونات والبروتونات. وكان هذا الرأي ثوري كونه حَوَّل العلم نحو رؤية غير معهودة، وتتالت الكشوفات المعززة له، وظهرت الطروحات حول هذا الموضوع في مدرستين مدرسة كوبنهاجن المعتمدة الآن فيزيائياً، ومدرسة أينشتين بفرضيات لازالت قيد البحث. إذ يقول أينشتين والمجموعة الكلاسيكية أن كل شيء محدد ودقيق في الذرة كونه يخضع لقانون منضبط، بينما أنصار الكم يرون أن عدم التحديد وعدم الدقة هما أساس سلوك ظواهر الذرة.

ولما طرح ميكانيك الكم ازدواجية الجسيم والموجة، تمسك أينشتين بالموجة وترك الجسيم، والموجة تشير إلى مائع يحملها وهو تفسير كلاسيكي يشير إلى أن المائع يتحرك كأمواج أي اضطراب، وطبعا الاضطرابات تكون عشوائية، لهذا توقع أينشتين أن ما هو موجود خلف ميكانيك الكم هو مائع مضطرب كلاسيكي، وأن  جزيئات المائع من الناحية الإحصائية تحوي بيانات خفية، وإذا عرفنا هذه المتغيرات الخفية للمائع سنتمكن من المعرفة الدقيقة وليست الاحتمالية كما رأت مدرسة كوبنهاجن. إذن هنالك متغيرات خفية لم تلحظها ميكانيك الكم بنظر أينشتين لذلك اعتبرها فيزياء ناقصة.

ما الذي نعرفه من الطبيعة؟

الطبيعة كيان مستقل يكمن خارج الوعي، وهو كيان كثير التفاصيل، فما الذي نعرفه عن هذا الكيان؟ إن افتراض كون الطبيعة مستقلة عن الوعي دفع أستاذ الفيزياء محمد الصندوق إلى خوض تجربة فلسفية رائعة انطلاقا من قاعدة فيزيائية ذات بنية رياضية. لقد جازف الصندوق بإحياء عبارة كانط “الشيء بذاته”، من خلال تفريقه بين الطبيعة النسبية و”الطبيعة لذاتها” أو المطلقة. ومن الجدير بالذكر أن عبارة الشيء بذاته كان قد أشار إليها عالم الفيزياء هيزنبرج في بدايات القرن العشرين عندما رأى إمكانية معرفة ما وراء الطبيعة المنظورة، وأنه بالإمكان استخلاص بنية رياضية عنها تعتمد التجربة ولو بشكل غير مباشر، وهو ما وفرّ فرصة للخوض بالشيء في ذاته بعيداً عن الميتافيزيقا، وامتلك الصندوق الجرأة ليكون أول الباحثين عن هذه الصيغة الرياضية ومنها كان قد نسج نظرية الدوائر.

على هذا الاساس سيبحث السؤال عن ما يجب أن نعرفه عن كل من الطبيعة المستقلة المحسوسة والطبيعة لذاتها أي المطلقة والتي ستكون معرفتها تخمينية. يقيناً إن العلم يعرف حدوده ولهذا يشتغل على الطبيعة المحسوسة أو التي تتم ملاحظتها وهي الطبيعة النسبية، وضمن هذا المجال تكمن مهمة نظرية الدوائر في تبيان التحول من الطبيعة في ذاتها إلى الطبيعة المحسوسة وإظهار  الصيغ النسبية بعد الملاحظة الجزئية.

ولتوضيح هذا الأمر نقول إن الواقع لا يمكن دراسته كما هو وهذا ما أقرت به فلسفة ميكانيك الكم، ما اقتضى  الذهاب إلى ما وراء ظواهره، فالطبيعة التي نعرفها تقع تحت ما نستطيع إدراكه وإحساسه، أي ما نستطيع ااصطياده وفق إمكانياتنا الحسية والبصرية والأدواتية والتخمينية، ولكن بسبب غرابة ظواهر الكم التي لا يمكن تفسيرها ضمن الطبيعة المحسوسة، ولأن عملية الملاحظة غير مخلصة في نقل الواقع، ستغيب عنّا مشاهدة بعض البيانات بسبب قصور حواسنا، فالطبيعة إذن لاتكشف نفسها بسهولة للعلماء، الأمر الذي جعلهم يستعينون بالافتراضات والتخمينات التي هي بمثابة أدوات رياضية لتفسير الطبيعة المعلنة وما ورائها. وفي ظل ما يغيب عنّا من معرفة كثيرة نشعر  بأننا ما زلنا أطفال علم وأننا قد بدأنا اللعب تواً، فنحن كالطفل الذي بدأ يلعب أمام بيته بعدما كان لا يستطيع اللعب خارج البيت. ولاشك، إن من يلعب أمام بيته لا يستطيع رسم خارطة المدينة (خارطة الكون) وفقاً لتوصيف الدكتور محمد الصندوق.

هل الدائرة صورة لأصل الوجود؟

في فصل من كتابي “دراسات في فلسفة العلم” اعتمدتُ الكشوفات العلمية حول الذرة لبحث أصل الوجود علمياً وأوضحت في النتيجة أن أصل الوجود طاقة، لكن صورة مبهرة قدمها عالم الفيزياء العراقي الدكتور محمد الصندوق عن أن أصل الوجود هو الدوائر. ففضلاً عن أن الكيانات الصغيرة داخل الذرة عند اتخاذها أحياناً صفة الجسيمات النقطية، وأحيانا أخرى الصفة الموجية، تكون قد رسمت في الحالتين صوراً دائرية، فهنالك تفاصيل فيزيائية أخرى لتوضيح خصائص الدوائر أكثر وكالتالي:

بداية نقول إن الدوائر التي يتم التعامل معها هنا هي فيزيائية أكثر من كونها رياضية وهندسية، أي هي دوائر تمت ملاحظتها وخلقها أدواتياً على مستوى ميكروسكوبي. وبالحق، نحن لا نشاهد الدوائر الرياضية، بل نرى كيانات فيزيائية في الطبيعة المُلاحظة أو الفيزيائية، وهذه الكيانات هي الشيء بذاته الذي افترضه وطبقه فعلياً الصندوق بعدما أشار إليه هيزنبرج قبلاً في كتابه”الفلسفة والفيزياء”، حيث يتم التعامل مع الدوائر هنا على افتراض أنها كيانات أساسية للطبيعة في ذاتها (الشيء في ذاته) بمعنى أنها غير منظورة أو افتراضية أو تخمينية. وعند رؤيتها في المختبر لن تُرى كدوائر وإنما كنقاط (جسيمات) ذات حركة موجية (وهذه هي الطبيعة المنظورة)، إذ أن هذه الجسيمات المرتبطة بالموجة هي المادة المنظورة التي نتعامل معها. لكن بملاحظتها لا نرى منها إلا بعض خواصها التي تسمح لنا حدود الرؤية بمشاهدتها، وهذا كما نوهنا قبل قليل تفسير كوبنهاجن، وهو تفسير غير كامل بنظر أينشتين.

ترى نظرية الدوائر إذن أن الكون مكون من أشياء دائرية صغيرة جداً وأن الجسيمات المادون الذرية الإلكترون مثلا مكونة من هذه الدوائر، ولكون الإلكترون خاضع لنظرية ميكانيك الكم والنظرية النسبية أثبت الصندوق أن نظرية الدوائر تفسر هاتان النظريتان أي الكم والنسبية. ميكانيك الكم النسبي ونظرية الدوائر لاشك أن أي نظرية فيزيائية تُبنى على بديهيات أو افتراضات، وهذه الافتراضات لا تناقشها النظرية بل تُبني عليها دراساتها للظواهر الطبيعية في مجال عملها، وتزداد هذه الفرضيات رسوخاً وثباتاً كلما ازداد اليقين بثبات النظرية من خلال الإثبات التجريبي. ومن ضمن هذه النظريات نظرية ميكانيك الكم حيث بُنيت على مجموعة من الافتراضات أو البديهيات سميت في أغلب الأحيان مبادئ وهي مبنية على رياضيات معقدة غير واقعية الأمر الذي سمح بااختلاف تفسيراتها، وعدد هذه المبادئ مختلف عليه في الكتب الدراسية ولكن على الأغلب تحصر بين أربعة او خمسة، منها:

-إن النظام الكمي يوصف بدالة موجية معقدة.

-إن هذه الدالة تتغير زمنياً وتسمى بمعادلة شرويدنجر.

-إن المعنى الفيزيائي لهذه الدالة يمكن الحصول عليه من مبدأ بورن ..إلخ.

من الافتراضات، قبلت ميكانيكا الكم هذه المبادئ التي تخص الدالة الموجية المعقدة كما هي من دون حاجة لتفسير (حسب تفسير كوبنهاجن ). وهذه الدالة الأساسية يمكنها رياضياً أن تفسر نظام بعدة أبعاد في نفس الوقت. لكن شكَّلَ هذا الأمر مشكلة أثارها أينشتين في عام 1935، على أساس هذا النظام يكون مترابط أو متفاعل مع بعضه بسرعة أكبر من سرعة الضوء، أي أنه انتقال متشابك بسرعة فورية وهو بدون زمن للانتقال، وهذا التفسير يتعارض مع النسبية الخاصة التي تكون أقصى سرعة فيها هي سرعة الضوء. إلى جانب هذا كانت نظرية ميكانيكا الكم قد خلّفت العديد من المفاهيم الغريبة مثل: ازدواجية الموجة الجسيم، اللايقين، الدوران، دالة متعددة الأبعاد (التشابك) وغيرها الكثير. ووفر هذا بيئة لااختلاف التفسيرات منها: تفسير أينشتين، تفسير كوبنهاجن، عوالم متعددة، تواريخ متسقة، تفسير المجموعة (ويأخذ التفسير الإحصائي لبورن)، نظرية بوهيم – دي برولي، الميكانيكا العشوائية وغيرها العديد.

وتكمن مشكلة التفسيرات الكثيرة هذه في أنه بالرغم من أن نظرية الكم تستند إلى جهاز رياضي واضح، وتتمتع بنجاح تنبؤي هائل، لكن بعدما يقرب من ٩٠ عاماً من نشوئها، لا يوجد حتى الآن إجماع في المجتمع العلمي فيما يتعلق بتفسير اللبنات الأساسية للنظرية، إذ أن مبادئها تشير إلى نتاج قابل للتفسير.. ومن التفسيرات التي توصلت إلى صيغة رياضية دقيقة، تفسير الصندوق الذي استلهمه من تطورات الجهود العلمية حول المبدأ الأولي لميكانيكا الكم أقصد الدالة الموجية المعقدة، كون نظرية الكم تشتغل على الجسيمات والموجات، والجسيم هنا عبارة عن جسيم موجي صغير (نقطي بدون حجم) ينسب له خصائص فيزيائية، الجسم النقطي بحد ذاته يشكل مشكلة الكثافة اللامتناهية. اما وصف الموجة فيعتمد على كلا الزمان والمكان، فالنموذج الموجي يصف اضطرابا في وسط ويرتبط بنقل الطاقة والزخم لكن بدون نقل الجسيمات، وفي هذا المجال قدم دي برولي عام ١٩٢٤ مفهوم الموجة التي سترتبط بالجسيم، حيث يوجد نظام من خاصيتين هما الموجة والجسيم، ويعتمد هذا المفهوم على النسبية الخاصة وعلى نظرية الكوانتم، مشكلة الموجة هذه هي إنها بدون طاقة.

لاحقا ألهمْ مفهوم الموجة هذا شرودنجر، فنشر عام ١٩٢٦ مجموعة أوراق لصياغة معادلة هذه الموجة، لكن مفهوم موجة دي برولي بقى مرتبطا بأساس نسبي بينما معادلة شرودنجر ليست لحالة نسبية. فظهر جهد بحثي لإنتاج موجة الكم النسبي. مزج هذا الجهد بين إعتماد الزمن على معادلة شرودنجر، والنسبية الهاملتونية للجسم الحر، ومعادلة كلاين جوردن، وهو مزيج يوضح الدمج بين ميكانيكا الكم ونظرية النسبية الخاصة. واجهت هذه الصياغة عدة إشكالات لذا اقترح ديراك في العام ١٩٢٨ معادلة لميكانيكا الكم النسبية، حيث قدم وصفا نسبياً لوظيفة الموجة بعد أن فشل شرودنجر في الحصول عليها. وتتالت الجهود العلمية في هذا المجال لكن ظهور نموذج الموجات الثلاث عام ١٩٧٨ باقتراح من كوسترو كانالسبيل الممهد نحو نظرية الدوائر، وكان هدف النظرية هو ان تعزو الظاهرة الجُسيمية الى الظاهرة الموجية.

تطورت نظرية الموجات الثلاث هذه خلال الثمانينات، وقدمها هوروديكي باسم فرضية الموجات الثلاث وتشير إلى إن الجسيم الذي يمتلك كتلة هو ظاهرة موجية غير خطية ممتدة.. والموجات الثلاث هي:

1- كومبتون

٢- دي برولي

٣- موجات مزدوجة.

وبهذا الصدد كان د. الصندوق قد اقترح مسبقا فكرة الدوائر المتدحرجة لتفسير معادلة أويلر ووجد في نظرية الأمواج الثلاثة نوعاً من التشابه فيما يتصوره، فأرسل محاولته عام ١٩٨٦ إلى البروفسور هورديكي لكن الأخير رد بأن النموذج لا يمتلك تبريراً كافياً (تخميني). استمر الصندوق بالتحدي فأعاد صياغة نموذجه، وفي عام ٢٠٠٧ نشر بحثاً في تفسير الأمواج الثلاث على أنها دوائر متدحرجة، وبعد عدة محاولات توصل عام ٢٠١٢ إلى اقتراح يقول إن دائرتين في مستوى حقيقي قد تقود إلى معادلة شبيهة بدالة الموجة وذلك تحت الملاحظة الجزئية. وهكذا فإن تساؤلات الصندوق قد بدأت من عام ٢٠٠٧ عندما وجد العلاقة بين الدوائر وفرضية الأمواج الثلاثة، وبرغم عقبة الإثبات التجريبي حاول اشتقاق معادلات ميكانيك الكم النسبي في عام ٢٠١٨ ، حيث قدم تفسيراً لهذه الدالة ببحوثه المنشورة بين عامي ٢٠١٨ و ٢٠١٩ مشتقاً معادلة مشابهة لمعادلة ديراك التي هي أكثر عمومية من معادلة شرودنجر. فلما كانت معادلة شرويدنجر تقريبية لأنها تتعامل مع السرع الواطئة أي غير النسبية، ستكون المعادلة البديلة عندئذ هي معادلة ديراك وتسمى إحدى معادلات ميكانيك الكم النسبي، وبه اثبت أن معادلات الكم النسبي قد يكون مرجعها نظرية الدوائر.

وهكذا تمكنت نظرية الدوائر من تقديم تفسير لميكانيك الكم النسبي بنجاح.. وهذه النتيجة تشير إلى صورة الأساس لأصل المادة مكروسكوبيا وهي الدوائر، فهل يحق لنا الآن أن نثني على افتراض أن أصل الوجود دوائر؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *