الخطط التنموية في مجال رعاية كبار السن وإمكانية صياغة إستراتيجية وطنية في العراق

تشكو العديد من القضايا السكانية نقص مهم في الدراسات التحليلية والمعمقة الكاشفة عن محددات ومسارات وتداعيات الظواهر السكانية وتشابكها مع الأبعاد التنموية الأخرى. وتعد قضايا السكان كبار السن في العراق أحدى هذه القضايا السكانية التي تعاني من قلة الدراسات والبحوث ومن ثم تفتقر إلى توفر إستراتيجية وطنية لكبار السن في العراق . إذ تبلغ نسبة السكان البالغين 60 عام فأكثر (5%) من سكان العراق لعام2013 . وعلى الرغم من قلة أعداد كبار السن ونسبتهم من مجموع السكان . لا تتوفر برامج للرعاية الصحية الخاصة بهم أو برامج ضمان الشيخوخة الذي يوفر الحماية الاجتماعية لهم بحسب احتياجاتهم ولاسيما برامج عمل وترفيه توفر لهم إمكانات فعلية للقيام بأدوار فاعلة وناشطة في المجتمع مع الحفاظ على حيويتهم.

إن ذلك يستوجب تعزيز السياسات والبرامج والمشروعات الهادفة إلى توفير الرعاية اللازمة لفئة المسنين وفقاً لما نص عليه دستور العراق لعام 2005 بالمادة 29 أولاً :” الأسرة أساس المجتمع , تحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والأخلاقية والوطنية , وتكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة ” . ثانياً : “تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة وتعمل على وقايتهم من الجهل , والخوف , والفاقة وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم وينظم ذلك بقانون “.

أهم الأجراءات التي يجب أن تتبع لتحسين وتنمية الخدمات المقدمة للمسنين:
• أنشاء وحدات متنقلة للوصول إلى المسنين داخل أسرهم لتقديم الخدمات الصحية والعلاجية لهم وتوفير خدمات أخرى .
• أنشاء قاعدة بيانات تحدث بشكل مستمر ودراسات لجميع القضايا المتعلقة بكبار السن .
• تأسيس موقع الكتروني يعنى بشؤون المسنين وينشر ما يتعلق بهم من خدمات وأساليب رعاية .
• أصدار بطاقة المسن التي تخول حاملها الافادة من مجموعة من الخدمات والامتيازات سواء من الوزارات أو الخدمات الخاصة كالنقل المجاني وتسهيل اجراءات ومعاملات كبار السن لدى الوزارات والدوائر الحكومية .
• حث الجامعات العراقية القيام بالدراسات والبحوث ذات العلاقة بالمسنين والشيخوخة وأدراج طب الشيخوخة في البرامج الاكاديمية في الجامعات .
• أنشاء مراكز خدمات رعاية صحية تعنى بصحة كبار السن لتوفير التأمين الصحي المجاني لهم ولاسيما مع انتشار الأمراض المزمنة بينهم وأصابة الكثير منهم بصعوبات أو اعاقات .
• تقديم الدعم اللازم لدور المسنين عن طريق تشجيعها على الاستمرار في القيام بواجبها , وذلك لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة لهذه الفئة المهمة من المجتمع .
• نشر ثقافة العمل التطوعي المتعلق برعاية المسنين عن طريق زيادة مساهمة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في هذا المجال .
وحتى تنجح الدولة بتحقيق الحماية المستدامة لكبار السن وبالشكل الذي يتوائم مع المعايير الدولية , يمكن الأخذ بالحسبان عدد من الاعتبارات اهمها إصدار تشريع قانون الحماية الاجتماعية للمسنين يتضمن المحاور الرئيسة لهذه الحماية من تهيئة بيئة تمكينية داعمة لكبار السن وإدماجهم في عملية التنمية وتوفير الخدمات الصحية والرفاه المستدام . إنشاء صندوق وطني للحماية الاجتماعية يتكون من مصادر تمويل مستدامة من القطاعين, العام والخاص .
وضع وتنفيذ إستراتيجية وطنية لكبار السن وغير المشمولين بمظلة الحماية المقدمة من الضمان الاجتماعي أو شبكة الحماية الاجتماعية . واخيرا ألزام مؤسسات القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني بتضمين مسؤوليتها المجتمعة لخدمة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة .
ولابد قبل البدء بوضع إستراتيجية وطنية إن يسبقه وصف تحليلي لواقع كبار السن في العراق ومع تقديم شرح حول الخطط الدولية والإقليمية المعنية بالشيخوخة ومنهجية التقييم المتبعة من قبلها ليكون أساساً لاستثمار الجهود الوطنية نحو استكمال بناء إستراتيجية محدثة طويلة الأجل . ولتحقيق ذلك ينبغي إن نكون مدركين لحقوق كبار السن لتحسين طرق تقديم الخدمات للمسنين وتبني منهجية المتابعة والتقييم لأداء المؤسسات المعنية بكبار السن . ومؤشرات الأدوات تماشياً مع المبادئ التوجيهية لخطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة .

صياغة إستراتيجية وطنية لكبار السن للمدة 2020 – 2025:
إن أعداد وصياغة إستراتيجية لكبار السن والنهوض بهم يعني وضع الخطوط العريضة لخطوات وتدخلات وأعمال محددة الأهداف على محاور معينة تحقق التمكين والنهوض لكبار السن في حال تنفيذها بأدوات وآليات مناسبة وواقعية وبالاستناد إلى منطلقات وثوابت تميز هويتها الوطنية والثقافية وامتدادها الحضاري . وكذلك إلى تحليل موضوعي للواقع الصحي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع والأسرة . بين مواطن القوة والايجابيات ومواطن الضعف والتحديات . ولابد من التأكيد على ضرورة أن تكون الإستراتيجية موضوعية ومحددة وقابلة للتنفيذ من خلال ترجمتها إلى برامج عمل تنفيذية . تشكل في مجملها خطة عمل تنفيذية تضم أنشطة لكل منها هدف أو أهداف فرعية تكون في مجملها الجهد المتكامل لتحقيق الأهداف العامة للإستراتيجية.

ولإعداد أو صياغة إستراتيجية وطنية لكبار السن في العراق في 2020 – 2025 كحد أقصى , يتطلب ذلك مراحل عدة تتلخص بما يأتي :
1 – إجراء مسح شامل للدراسات والبحوث التي أجريت حول كبار السن في العراق , ولاسيما جمع المسوحات الإحصائية والأبحاث المتاحة .
2 – مراجعة لإستراتيجيات كبار السن على المستوى العالمي والإقليمي والعربي .
3 – إجراء تحليل معمق وتقويم للدراسات والبحوث والإحصاءات لفهم معطياتها بهدف التعرف على واقع كبار السن في العراق .
4 – تحديد الخطوط العريضة الأولية للإستراتيجية بالاعتماد على خطة العمل العربية للمسنين (2002 – 2012 ) التي حددت التوجهات الرئيسة للعمل .
5 – أعداد تحليل تفصيلي إحصائي لواقع كبار السن في العراق .
6 – تحديد الأولويات والأهداف والإجراءات التنفيذية لوضع السياسات والبرامج اللازمة لكبار السن.
7 – تنفيذ الدراسة الميدانية التطبيقية لدور المسنين الحكومية والأهلية , والتي يتم عن طريقها استكشاف أرائهم وللوقوف على مشكلاتهم واحتياجاتهم .
8 –الافادة من الجهود الدولية العالمية والإقليمية والعربية في هذا المجال , ولاسيما ما قدمته منظمة الأسكوا ومنظمة الصحة العالمية من مراجع وتقارير وبرامج موجهه لكبار السن في مختلف أنحاء العالم .

لقد عملت معظم الدول العربية على اعداد استراتيجيات وطنية وخطط عمل لفائدة كبار السن وبلورة سياسات عربية مشتركة في إطار الجامعة العربية إذ ابدت كل الدول العربية إلتزامها بمقررات مختلف المؤتمرات الخاصة بالشيخوخة.

محاور الإستراتيجية :
تتضمن الإستراتيجية أربعة محاور تتضمن كل منها جانباً من جوانب حياة كبار السن ويطرح كل محور أولويات القضايا التي تستوجب التدخل لتحسين نوعية الحياة وتيسيرها لكبار السن وتمكينهم من العيش باستقلالية وتوفير مستوى أفضل من الرعاية الصحية والاجتماعية لكبار السن . لذا يتطلب لمواجهة التحديات في مجال الشيخوخة في العراق لدعم بناء مجتمع لجميع الأعمار , وهذه المحاور هي كالأتي :

1 – المحور الأول : كبار السن والتنمية .
2 – المحور الثاني : الرعاية الصحية لكبار السن .
3 – المحور الثالث : البيئة المادية الداعمة لكبار السن .
4 – المحور الرابع : تحقيق الرعاية الاجتماعية لكبار السن .

إن نجاح أي إستراتيجية وطنية رهن بشكل واسع بنجاح التعاون والتنسيق بين مختلف المؤسسات والأطراف ذات العلاقة الحكومية والأهلية , المحلية والدولية وبالتوسع في التعاون المستمر لهذه الشراكات . فالقضايا السكانية عادة ما تكون شديدة الترابط والتأثير بالعديد من الأبعاد التنموية الأخرى . ذلك ما يستوجب سياسات ذات التشبيك القطاعي تشترك في صياغتها وفي تنفيذها مختلف الوزارات والمؤسسات وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والتي يمكن إن تساهم بفاعلية في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لاسيما تلك المعنية بالأبعاد الثقافية والاجتماعية وبما يدعم فرص نجاح الإستراتيجية .
وإن لهذه التوجهات العامة المتعلقة بقضايا كبار السن في العراق والتي يجب إن تقترن بوضع خطط تنفيذية من الجهات المعنية بقضايا السكان بشكل عام وبقضايا كبار السن بشكل خاص وبالتنسيق مع الجهات الرسمية والحكومية . ولابد من استجابة الموازنة العامة للدولة لمتطلبات تنفيذ ورصد ومراقبة البرامج والمشاريع التي يتم أقرارها في خطة عمل الإستراتيجية الوطنية لتحقيق الأهداف المرجوة من أجل تحقيق إستراتيجية وطنية عراقية لكبار السن في 2020 – 2025 كأقصى مدى وبما يتماشى مع إستراتيجيات دول عربية مجاورة .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *