وضعت لافتة جميلة داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وفى مواجهة الكنيسة الكبرى مكتوب عليها باللغات العربية والتيجرينية والإنجليزية عبارة: “ما أحلى أن يلتقى الإخوة معاً”، وذلك فى إشارة إلى زيارة بطريرك إريتريا الحالية لمصر.
كما أوردت الأنباء، استقبل البابا تواضروس الثاني مؤخراً في المقر البابوي بالقاهرة، وتحديداً في يوم السبت 9 يوليو، البطريرك كيرلس”الأول” بطريرك الكنيسة الإريترية الأرثوذكسية والوفد المرافق له. وألقى البابا كلمة ترحيب بضيفه والوفد المرافق، ولا سيما أنها الزيارة الأولى له كبطريرك للكنيسة الإريترية، معرباً عن سعادته بفتح صفحة جديدة مع الكنيسة الإريترية، ومتمنياً أن تقوى العلاقات بين الكنيستين الشقيقتين تحت مظلة القديس مارمرقس الرسول الذي أسس الكنيسة القبطية في القرن الأول الميلادي. وشدد البابا على أننا ننظر إلى المستقبل برؤية واسعة، وأن الكنيسة القبطية مستعدة لمساعدة شقيقتها الكنيسة الإريترية على كل الأصعدة. كما تمنى البابا أن يتوحد أبناء الكنيسة الإريترية في أنحاء العالم تحت مظلة كنيستهم بقيادة البطريرك “أبونا كيرلس”. واختتم بأن رسالته لكل أبناء الكنيسة الإريترية هي أن ننسى ما هو وراء ونمتد إلى ما هو قدام.
كان قد سبق أن رحب البابا تواضروس الثاني ببطريرك الكنيسة الإريترية الأرثوذكسية “أبونا كيرلس” الذي وصل القاهرة الأربعاء الموافق 6 من شهر يوليو الجاري، في زيارة هي الأولى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية. جاء ذلك خلال إلقاء عظة اجتماع الأربعاء الأسبوعي فى نفس يوم وصوله والذي عقد في الكنيسة المرقسية بالإسكندرية. وقال البابا المصري: “اليوم يزورنا في القاهرة قداسة بطريرك إريتريا أبونا كيرلس، وأبونا كيرلس يزورنا في مصر لأول مرة، وبنعمة المسيح سنتقابل في مقابلة خاصة، وأرحب به باسم الكنيسة كلها وباسم الآباء وباسم مصر نرحب بهذه الزيارة وبالوفد المرافق له، ونتمنى أن يقضوا وقتاً طيباً في مصر وفي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية”. ومن جهته، أعرب البطريرك “أبونا كيرلس” عن شكره للبابا تواضروس الثاني على محبته وحفاوة الاستقبال، وعن سعادته بزيارة الكنيسة القبطية، مشيرًا إلى أن الكنيسة الإريترية مرت بفترة صعبة واستطاعت أن تتجاوزها بسلام. كما ألقى الأسقف باسيليوس أحد أعضاء الوفد الإريتري كلمة محبة. وتم تبادل الهدايا التذكارية ثم تم التقاط صورة تذكارية للبابا تواضروس الثاني و”أبونا كيرلس” وأعضاء الوفدين القبطي والإريتري.
وحرص “أبونا كيرلس” والوفد الإريتري عقب انتهاء اللقاء مع البابا تواضروس على زيارة مزار القديس مارمرقس الرسول والقديس أثناسيوس الرسولي والكاتدرائية المرقسية بالعباسية. عقدت بعدها جلسة مباحثات بين الوفدين القبطي والإريتري لمناقشة عددًا من الترتيبات الخاصة بالعمل المشترك والعلاقات بين الكنيستين.
ويبدو أن زيارة أبونا كيرلس بطريرك الكنيسة الإريترية الأرثوذكسية الأولى إلى مصر، تجيء أيضاً من أجل إجراء فحوصات طبية. خاصة فى ضوء تقدمه فى العمر، وقد تم تجهيز برنامج كامل له في زيارته لمصر، حيث يزور بعض الأماكن المقدسة، ويلتقي البابا القبطي.
لمحة تاريخية عن علاقات الكنيستين القبطية والإريترية:
كما هو معروف دخل الايمان الأرثوذكسى “إريتريا” مع “إثيوبيا “فى القرن الرابع حينما كانتا دولة واحدة، وذلك فى عهد البابا “أثناسيوس الرسول ” البابا العشرين للكنيسة القبطية وعلى يد فرومنتيوس، وقد استمرت العلاقات على مدار 16 قرناً بين الكنيستين حتى تم إنفصال الكنيستين الإثيوبية والاريترية رسمياً في عام 1959، وقد امتدت مساعدات الكنيسة القبطية إلى إريتريا والتي حصلت على استقلالها عام 1993 خاصة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الإريتري/ أسياسي أفورقي إلى البابا شنودة الثالث في نفس العام و طلبه الاستقلال الكنسي عن إثيوبيا، و دخول العلاقات بينهما في مفترق جديد، و قد شملت مساعدات الكنيسة مجالات عديدة لإعادة الإعمار و التنمية بها بعد انتهاء الحرب، و يشمل ذلك عملية تبرعات وإرشادات لإعادة بناء البلد، و غيرها من الأعمال الهامة التي تفوق عمل السـفراء، و تمس الاحتكاك المباشر بالشعوب، أو ما يسمى بالقاعدة المحلية أو سكان المناطق الريفية “جراس رووت”.
فى نفس الوقت, تم رسامة خمسة من الأساقفة لإريتريا بيد البابا شنودة الثالث فى مصر، وتم تعيين أحدهم وهو الأنبا/ مرقس الإريترى ليشغل منصب سكرتير المجمع المقدس هناك، ويكون مسئولاً عن خدمة الإريتريين خارج إريتريا حتى تم تعيين البطريرك الجديد لإريتريا. وقد كان هناك اتصال مستمر بين الكنيستين، فتمت زيارة من الأنبامرقس للبابا شنودة إبان اجتماعات المجمع المقدس للكنيسة القبطية فى يونيو من عام 1997. وكان المجمع المؤقت الذى تكون لادارة الكنيسة الاريترية قد تشكل قبل رسامة الأساقفة الخمسة الجدد، وذلك برئاسة الأنبا فيلبس، الذى قام بسيامته البابا يؤانس التاسع عشر القبطي فى سنة 1929 إبان العلاقة التاريخية السابقة فيما بين الكنيسة القبطية وكل من إثيوبيا واريتريا. وقد توالت الزيارات فيما بعد بين الجانبين.
معاداة إثيوبيا لارتباط الكنيسة الإريترية بمصر:
نظرت إثيوبيا إلى تلك العلاقة الجديدة فيما بين الكنيسة القبطية وكنيسة إريتريا باعتبارها تمت من وراء ظهرها، وكانت ترى أن إريتريا من المفترض أن ترتبط كنسياً بإثيوبيا التى أصبحت كنيسة مستقلة، وأنها قد تكون أقرب لها من الكنيسة القبطية، وقد عرقلت تلك العلاقة الكنسية فيما بين مصر وإريتريا العلاقات الكنسية المصرية/الاثيوبية، وأعاقت تقدمها سواء بالنسبة للتوقيع الرسمى على بروتوكول 1994 بين الكنيستين القبطية والاثيوبية ,أو لزيارة البابا شنودة الثالث لإثيوبيا في ذلك الوقت.
لكن الأمر فى المستقبل ستحكمه طبيعة واتجاه العلاقات فيما بين الكنيسة القبطية من ناحية، وكل من الكنيستين الإريترية والإثيوبية من ناحية أخرى. والأمل أن يتم الاتفاق والتنسيق بين الكنائس الثلاث التى تمثل حالياً بلا شك أساس قوى للأرثوذكسية فى أفريقيا. كما أنها من الممكن أن تساعد على تقوية العلاقات بين دول حوض النيل الثلاث، على أن تهدأ التوترات والصراعات الحالية.
تطور علاقة الكنيسة القبطية بالكنيسة الاريترية:
شهد عهد البابا القبطي الراحل/ شنودة الثالث تطورًا هائلًا وواضحًا, وهو انتقال الكنيسة القبطية من المحلية إلي العالمية. ومع أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كانت علي مدي تاريخها كنيسة كارزة, إذ شهدت في عصورها الأولى كرازة امتدت شمالًا وجنوبًا، وشرقًا وغربًا، إلا أن هذا الملمح انحسر بعض الشيء في عصور تالية، ثم عاد إلي الظهور مرة ثانية في عهد البابا الراحل “1970-2012”. فالكنيسة القبطية معروفة في تاريخها بأنها كرزت شمالًا في فلسطين وآسيا الصغرى، وجنوبًا في إريتريا وإثيوبيا وشرقًا حتى إلي الهند, وغربًا حتى إلي سويسرا وأيرلندا, وذلك عن طريق آباء ومُعلمي مدرسة الإسكندرية, وكذلك عن طريق بعض الآباء الرهبان والأقباط الذين مازالت ذكراهم خالدة في الوجدان الأوروبي عامة، والأيرلندي والسويسري خاصة، ناهيك عن نفي القديس أثناسيوس في غاليا, وكتابة سيرة الأنبا أنطونيوس هناك, التي جعلت منه أبًا للرهبان في كل العالم.
أعقب ذلك وبعد جهاد ممتاز من البابا شنوده الثالث, والعديد من أبناءه الأساقفة والكهنة والرهبان والأراخنة والشعب القبطي, أن امتدت الكنيسة إلي قارات الدنيا جميعًا ماعدا أمريكا الجنوبية تقريبا التى وصلتها متأخرة حين أوفد قداسته الأنبا سيرابيون إلي سفارتي مصر في البرازيل والأرجنتين, فاكتشف هناك عددًا قليلًا من الأقباط. وبدأت هناك الخدمة حتى صار للكنيسة القبطية في أمريكا الجنوبية أسقفان هما: “نيافة الأنبا أغاثون (البرازيل)” و”نيافة الأنبا يوسف “بوليفيا”.
ولقد شهد عهد البابا شنودة الثالث استقلالًا كاملًا للكنيسة الإثيوبية، وتأسيسًا للكنيسة الإريترية (إذ سام قداسته لها خمسة أساقفة ثم بطريركيين). ووضع لكل منهما بروتوكولًا يؤكد الاستقلال الإداري لكل منهما، مع وحدة العقيدة، والتعاون في العمل الكنسي والرعوي والتنموي في ميادين متعددة.
لكن أبرز هذه النشاطات نلحظها في اللقاء الدوري السنوي لرؤساء الكنائس الشرقية الأرثوذكسية في الشرق الأوسط: القبطية والسريانية والأرمينية, حيث التحمت الكنائس الشقيقة الثلاث في أنشطة وزيارات وتعاون مسكوني غير مسبوق, في مجالات التعليم اللاهوتي وخدمة الشباب والنشر والترجمة. مع وحدة كاملة في مواقفها في المحافل المسكونية والقضايا العامة على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية. كما امتد ذلك النشاط إلي بقية كنائس العائلة الشرقية الأرثوذكسية كالهندية والإثيوبية والاريترية وكنيسة أرمينيا. هذا فضلا عن الحوارات اللاهوتية، وكذا الحوار المسيحي الإسلامي، بالإضافة إلى رحلات البابا شنودة حول العالم حيث أتم قداسته رحلات كثيرة بلغت 39 رحلة، أسهمت في عالمية الكنيسة القبطية، حظيت إريتريا بأربع زيارات منها. .
مراسم تتويج أول بطريرك لدولة إريتريا:
فى يوم عيد القديس مار مرقس الرسول الموافق 8/5/1998 م – قام البابا شنودة الثالث بتتويج أول بطريرك لكنيسة إريتريا الارثوذكسية الشقيقة باسم البطريرك فيلبس الأول. وكان ذلك فى حضور 60 من الأباء المطارنة والأساقفة: منهم 54 من الكنيسة القبطية و 6 من الكنيسة الإريترية. وبدأ حفل التتويج من عشية العيد فى مساء الخميس 7 / 5 / 1998.
وفى نفس العشية ألبسه البابا الإسكيم المقدس، وهو طقس ديني مسيحي رهباني يعبر عن الزهد والتقشف، لكى يمكنه بهذا أن يقوم بإلباس الإسكيم المقدس لمن يستحق من رؤساء الأديرة أو من الرهبان , لأنه حسب التقاليد الكنسية: لا يقوم بإلباس الإسكيم لأحد من الرهبان إلا من هو نفسه لابساً للإسكيم , لذلك جاء قداسة البابا إلى الكاتدرائية لابساً الإسكيم فوق حلته الكهنوتية.
وفى صباح عيد مارمرقس الموافق 8/5/ 1998 تم تتويج البطريرك فيلبس الأول من يد البابا شنودة الثالث وذلك بعد أن رشمه بالميرون المقدس حسب الطقس الكنسى فى الرسامة. ودعاة بالاسم الجديد بالرشومات الثلاثة (بإسم الآب والأبن والروح القدس ) وذلك باللغتين القبطية والتجرينية (لغة إريتريا) وسط فرحة الجماهير إذ كان فى الكاتدرائية ما يزيد عن سبعة آلاف شخص. ولعل من النصوص الكلاسيكية الجميلة فى تاريخ علاقة الكنيستين هو تعهد بطريرك إريتريا الذى ألقاه أمام البابا شنودة الثالث، وكل الإكليروس والشعب.
كما ألبسه الحلة الكهنوتية الجديدة .أثناء القول له: ” تسلم عصا الرعاية من يد أبينا البابا البطريرك الأنبا شنودة لترعى رعية الرب التى ائتمنك عليها، ومن يدك يطلب دمها. وتمت السيامة بعد قراءة الإبركسيس وبعد لحن القيامة ولحن الروح القدس. وأخذت الصور التذكارية لهذه المناسبة التاريخية السعيدة , وفى بعضها التف الأساقفة الإريتريين حول البطريرك، وفى بعضها التف حوله الرسميون.
ثم ألقى البابا العظة، وكانت عن إنجيل الراعى (إنجيل يوحنا، الإصحاح 10) وهنأ كنيسة إريتريا بالبطريرك الجديد, وبدأ البابا في صلاة القداس الإلهى واشترك مع قداسته البطريرك والآباء الآساقفة الأيرتريين والآباء الأقباط، ولأول مرة قيل فى أوشية الآباء، وهي صلاة تخص البطاركة في القداس”: “أذكر يارب أبانا البطريرك البابا شنودة الثالث وأخاه الروحى البطريرك أبونا فيلبس بطريرك إريتريا”.
تم فى هذا السياق تحضير بروتوكول للتعاون بين الكنيستين القبطية والإريترية، وتمت دراسته والموافقة عليه من المجمع المقدس لكل من الكنيستين، ووقع عليه البابا شنودة الثالث والبطريرك فيلبس الأول, ويشمل البروتوكول مقدمة و15 مادة متنوعة للتعاون بين الكنيستين.
زيارات البابا شنودة لإريتريا.. أهمها وآخرها: جاء من أجل تقديس الميرون لأول مرة في إريتريا:
ذهب البابا شنوده الثالث إلى إريتريا 4 مرات وكانت أهمها تلك الزيارة التى امتدت من الجمعة 17، إلى الجمعة 24 سبتمبر 2004 (أسبوعًا) لتقديس الميرون، ومعه وفد مُكَوَّن من الأساقفة: الأنبا بيشوي، والأنبا باخوميوس، والأنبا صرابامون، والأنبا متاؤس، والأنبا يوأنس، والأنبا أبوللو. وكان قد سافَر قبلهم القمص جورجيوس عطالله، والقس بيجيمي الأنبا بيشوي، ومعهما مواد الميرون التي بارَكها البابا ومعه الأنبا صرابامون يوم الجمعة 10 سبتمبر 2004 م. وكانت رحلة تاريخية وسط الطبول والألحان. كما قام قداسته بتدشين الكنيسة التي تم فيها عمل الميرون (المذبح الأوسط على اسم مارجرجس، والمذبح القبلي على اسم السيدة العذراء). واشترك معه البطريرك الإريتري والآباء المطارنة والأساقفة.
والتقى البابا بحوالي 200 من الإكليروس وألقى عليهم محاضرة عن الميرون. وأجاب على كل سؤال وُجِّهَ إليه في هذا المجال. وشرح الفرق بين استخدام زيت الميرون الذي يُوضع في ماء المعمودية، وزيت الميرون الذي يُرْشَم به المُعَمَّد بعد عِماده. كذلك الفرق بين زيت الميرون والزيوت الأخرى المُسْتَخْدَمة في الكنيسة. وكانت زيارة البابا مناسبة طيبة، وُضِعَ فيها حجر الأساس لكلية لاهوتية، وذلك في حفل بهيج حضره الرئيس إسياس أفورقي وكِبار رجال الدولة، واشترك مع البابا البطريرك أبونا أنطونيوس، والآباء المطارنة والأساقفة، ويعد تأسيس الكلية اللاهوتية خطوة إيجابية أساسية في تَثقيف كهنة إريتريا وخُدَّامها.
أما النقطة الثالثة في هذه الرحلة هي جلسة البابا شنوده الثالث والوفد المُرافِق مع بطريرك إريتريا والمجمع الإريتري المقدس. وقال قداسته إن زيت الميرون يختلف تمامًا في تكوينه واستخدامه عن زيت مسحة المرضى وزيت أبوغالمسيس. وأضاف أن تجديد عمل الميرون المقدس الذي عمله الآباء الرسل قد تم في عصر القديس أثناسيوس الرسولي، الذي أرسل أول أسقف لإريتريا، وهو أبونا سلامة “القديس افرمنتيوس”.
عوامل أدت الى تباعد الكنيستين القبطية والاريترية:
حدثت فتنة فى كنيسة إريتريا منعت البابا تاوضروس من المشاركة في تجليس البطريرك الجديد يوم الإثنين 17/مايو/2021.فقد اختارت الكنيسة الإريترية البطريرك كيرلس بطريركاً جديداً لها بعد البطريرك ديسقوروس الذي تنيح عام 2015. وظل الكرسي الإريتري شاغراً منذ 7 سنوات بسبب فتنة كنسية، تتسبب في عدم رئاسة البابا المصري تواضروس الثاني لقداس سيامة البطريركي الإريتري. كانت الفتنة تتمثل في وجود بطريركين للكنيسة الإريترية، الأول وهو الشرعي البطريرك أنطونيوس البطريرك الثالث الذي رسمه البابا الراحل شنودة الثالث لإريتريا، وتم التحفظ عليه من قبل الحكومة، قبل وفاته. بينما البطريرك الثاني هو الذي تم تعيينه بواسطة الحكومة وهو البطريرك الراحل ديسقوروس وحل مكانه “كيرلس” مؤخراً.
وينص البروتوكول الكنسي أن يقوم بابا الكنيسة المصرية بتجليس بطاركة إثيوبيا وإريتريا، إلا أن البابا الراحل شنودة الثالث لم يرأس قداس تجليس البطريرك المعين من قبل الدولة ديسقوروس، بينما أشارت مصادر كنسية إلى أن موقف البابا تواضروس الثاني، بنسبة كبيرة كان مماثلا لموقف البابا شنودة الثالث، الأمر الذي يعني أنه لم يترأس قداس سيامة البطريركي كيرلس الإريتري بسبب فتنة الأنبا أنطونيوس الثالث المتحفظ عليه، والذى تنيح أى توفى مؤخراً.
قبل وفاته: أنطونيوس الأول بطريرك إريتريا الشرعى فى منفاه:
نشر الأنبا أرميا الأسقف العام بالكنيسة القبطية والمشرف على المركز الثقافى القبطى على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك” صورة كتب عليها: “أبونا أنطونيوس الأول بطريرك إريتريا الشرعى فى منفاه”. وقد لا يعرف الكثير أن الكنيسة الأرثوذكسية الإريترية تأسست بعد استقلال إريتريا عن إثيوبيا، والذى أسس مجمع كنيسة إرتيريا هو البابا شنودة الثالث، كما أسس مجمعها المقدس فى عام 1994، وبعدها رسّم الأب فيلبس بطريركًا لها فى عام 1998 وكان محبوبًا جدًا من شعبه مسلميه ومسيحييه، إذ كان يعيش بإريتريا نحو مليون وسبعمائة ألف مسيحى يمثلون نحو 50% من شعبها. “وصل تعداد الشعب حاليا الى 6 ملايين ,نصفهم من الأقباط”. وبعد موته عن 102عاماً، رسم البابا شنودة أبونا يعقوب سنة 2002 والذى مات سريعًا فى عام 2003، ثم قام البابا شنودة بسيامة الأب أنطونيوس عام 2004، والذى اصطدم مع حكومة إريتريا لتدخلها فى شئون الكنيسة ولقيامها بفرض الخدمة العسكرية على رجال الدين والكهنة، وهذا لم يعجب النظام السياسى القائم وقتها، فبدأ فى حصار البطريرك وتجريده من صلاحياته عدا الصلاة.
وفى عام 2005، جاء وفد من مجمع إريتريا المقدس بتكليف من الحكومة، لحل المشكلة مع البابا شنودة عن طريق سيامة بطريرك جديد للكنيسة الإريترية وهو ما رآه البابا شنودة مخالفا لقوانين الكنيسة، مما دفعه لكى يطلب الصلاة من أجل محنة الأب انطونيوس.ومنذ 2007 تم وضع البطريرك الاريترى أبونا أنطونيوس تحت الإقامة الجبرية.
وفى سنة 2007 قام النظام الإرتيرى بفرض الأب ديسقورس ليتم تجليسه بطريركًا للكنيسة الإريترية، وهو الأمر الذى لم تعترف به الكنيسة القبطية ولا الإثيوبية لأنه مخالف للقانون الكنسى لوجود بطريرك الكنيسة الشرعى على قيد الحياة وإن كان تحت الإقامة الجبرية وكانت هناك معارضة كبيرة ضد الأب ديسقورس، خصوصًا من الرهبان والشعب الذى لم ينسى أن بطريرك الكنيسة هو الأب أنطونيوس.
كانت قد وردت أنباء عن أن قداسته والبالغ من العمر تسعين عاماً صلي قداس الأحد في كاتدرائية العذراء بأسمرة وهو الظهور الأول لقداسته منذ التحفظ عليه في عام 2007. حيث عاد أبونا أنطونيوس إلي كرسيه وحضر القداس عدد من الأساقفة والكهنة ورؤساء الأديرة ومئات من الشعب وصدر بيان من المجمع المقدس الإرتيري وممثلي الأديرة ترحيباً بعودة أبونا أنطونيوس البطريرك الشرعي. وقد كانت ارتيريا مازالت تعاني من قمع شامل ومازال هناك الاف في السجون ظلما وقهرا ومنهم كهنة ورهبان وخدام. وصدرت أخبار غير طيبة من إرتيريا، حين قامت السلطات الإرتيرية بإعادة أبونا أنطونيوس بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية باريتريا للإقامة الجبرية بما يشبه السجن دونما مقابلات وذلك بعد مشاركة قداسته القداس الحبري في أسمرة ونشر وثيقة من المجمع المقدس بعودة أبونا انطونيوس، وذلك قبل عودته للمنفى ثم وفاته مؤخراً.
نعى البابا تواضروس الثاني لبطريرك إريتريا الراحل:
نعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومجمعها المقدس برئاسة البابا تواضروس الثاني، البطريرك أبونا أنطونيوس بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الإريترية، الذي رحل مؤخراً عن عمر تجاوز ٩٢ سنة قضى معظمها في خدمة الكنيسة.
وقال البابا تواضروس في بيان له: ذاكرين محبته لكنيسة الله وأمانته في الحفاظ على وديعته، عالمين أنه سينال من الرب العادل في اليوم الأخير، أجرة الوكيل الأمين الحكيم، ونصلي أن يعزي الروح القدس قلوب شعبه، وآباء المجمع المقدس في كنيسة إريتريا، واثقين في تدبير الله لهذه الكنيسة الشقيقة، بقيادتها الجديدة في وحدة واحدة مع الكنائس الشرقية القديمة، ومقدمين كل التعزيات القلبية إلى شعب إريتريا الشقيق رئيسًا وحكومة وكنيسة.
وكان قد أعلن الأنبا إرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي عن رحيل الأنبا أنطونيوس الأول بطريرك إرتيريا. وقال الأنبا إرميا في بيان له: “بعد سنوات من الجهاد والتعب والإقامة الجبرية والمضايقات، رحل أبونا أنطونيوس الأول بطريرك إرتيريا، وكان قداسته تحت الإقامة الجبرية منذ عام 2006م”.
وعن البطريرك الراحل، قال البابا: “كان مخلصًا لكنيسته رغم تعرضه للمتاعب، ورحل عن عمر ٩٢ سنة منهم ١٥ سنة الأخيرة في إقامة محددة لظروف خاصة بالكنيسة الإريترية، كما كان أحد الأساقفة الذين رسمهم البابا شنوده عندما قامت الكنيسة القبطية بتكوين مجمع للكنيسة الإريترية.”
وعبّر قداسته عن أمنياته أن تعود الكنيسة الإريترية للكنائس الشرقية الأرثوذكسية وتمارس دورها القوي وخاصة أنها من الكنائس الشقيقة للكنيسة القبطية مثل الكنائس السريانية والأرمنية والأثيوبية والهندية والإريترية، وهو ما نأمل فى تحقيقه عقب الزيارة الحالية لبطريرك إريتريا .