إن نجاحك ككاتب لا يستمر إلا إذا كان ما تكتبه مرتبط بشكل أو بآخر ارتباطا وثيقا بحياة الناس بكل أجزائها وتفاصيلها، بمشاكلهم وقيودهم، بسعادتهم وأحزانهم وتهديداتهم وبكل أمراضهم المستعصية منها والبسيطة.
ففي عزلتك التي تنشدها لسماع صوت ابداعك الداخلي بعيدا عن صخب الحياة احرص دائما على التواصل الدائم بالناس، عش بينهم واحتك بتجاربهم، كن أذنا صاغية وقلبا يحتويهم لتكون قلما يحملهم وحبرا يسكبهم على بياضك.
ان عملية الكتابة ليست فقط استرجاعا للماضي ولتجارب عشناها نحن كأشخاص مروا على مسالك الحياة تأثروا وتفاعلوا بها بل إنها أعمق بكثير ، فهي عملية تفكير وتأمل هي احساس يكشف لنا الحجاب لنرى أشياء كانت محجوبة عنا، حتى ذلك القديم الذي نسترجعه نكتشف فيه الجديد المدهش إذا ما أحسنا تأمله، فعملية الخلق لا تتم بدون عملية التأمل ، والكتابة لا تكون إلا اذا عشنا تجارب غيرنا وتجاربنا الماضية كواقع جديد ليس مكررا ولكن مبتكرا بصياغة جديدة متخيلة، بمعنى، الكتابة الابداعية ليست نسخا ولصقا للواقع كما هو أو أبجدية النقل الحرفي وإنما هي أصعب من ذلك فهي امتلاك القدرة على إعادة تركيب الواقع بشكل جديد ومضمون جديد يرتبط بالواقع ولكنه واقع جديد متخيل.
حين تكتب عليك أن تكون حرا ، تتنفس هواء حرا ، فالأفكار العابرة التي نلتقطها بشكل عفوي نصنع منها جسرا نعبر من خلاله إلى ذواتنا، صدق حدسك وأنت تكتب ، حين تمسك بقلمك تتزاحم الصور على عتبة ذاكرتك، فتختلط الوجوه.
لحظة الكتابة أزل الحواجز وكسر القيود، لتمسك بمصائر مخلوقاتك الوهمية الراقصة فوق أوراقك وأنت محاط بأثير الهواء المغري .