أستغرب للضجة الحاصلة هذه الأيام حول الإفلات من العقوبة في الدعاية الانتخابية والنقد للصرف المالي المفرط فالموضوع ليس وليد اليوم حيث لم نجد متابعة حقيقية مهنية للتشريعات الانتخابية، ولماذا الصمت المطبق عندما تشرّع هذه القوانين في أقبية السلطة التشريعية دون مشاركة أو اعتراض من قبل شركاء العملية السياسية فقانوننا الانتخابي رقم 9 لسنة 2020م مقتضب متناقض غير مفصل لماذا لم يعترض عليه شركاء العملية الانتخابية.
خصص الفصل السابع لـ{الدعاية الانتخابية} من هذا القانون ولم تكن فيها أية عقوبة فقد أكتفى القانون بالعبارات التالية ( يمنع استخدام مؤسسات الدولة / لا يجوز استخدام شعارات أو معدات المؤسسات الحكومية ../ يحظر استخدام أموال الوقف السني والشيعي .. الخ) . وهكذا كل مواد هذا الفصل.
لنقرأ في أدناه بعض مواد هذا الفصل من القانون الانتخابي:-
المادة – ٢٥ – يمنع استغلال أبنية الوزارات ومؤسسات الدولة المختلفة وأماكن العبادة لأي دعاية أو أنشطة أنتخابية للكيانات السياسية والمرشحين.
المادة- ٢٦ – يُحظر استعمال شعار الدولة الرسمي في الاجتماعات والإعلانات والنشرات الانتخابية وفي الكتابات والرسوم التي تستخدم في الحملة الانتخابية.
المادة- ٢٧ – لا يجوز لموظفي دوائر الدولة والسلطات المحلية استعمال نفوذهم الوظيفي أو موارد الدولة أو وسائلها أو أجهزتها لصالح أنفسهم أو أي مرشح بما في ذلك أجهزتها الأمنية والعسكرية بالدعاية الانتخابية أو التأثير على الناخبين.
المادة- ٢٨ – يحظر ممارسة أي شكل من أشكال الضغط أو الإكراه أو منح مكاسب مادية أو معنوية أو الوعد بها بقصد التأثير على نتائج الانتخابات.
المادة- ٢٩ – يحظر الإنفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام أو من موازنة الوزارات أو أموال الوقف أو من أموال الدعم الخارجي.
أعتقد الآن وضحت الصورة لعدم وجود نصوص تعاقب المخالف أو حتى آلية التقاضي، فلا نستغرب بعد ذلك ما نراه ونسمعه عن المخالفات الكبيرة التي يرتكبها المرشحون والأحزاب والائتلافات.
ولحسم هذا الأمر ندون النقاط التالية:-
1- تحدد المخالفة والعقوبة بشكل جليّ.
2- تسمى بالقانون الجهة التي تقدم لها الشكاوى والتي ترصد المخالفات.
3- تخول جهة قضائية بحسم الطعون.
4- تفصيل كل المخالفات والجرائم الانتخابية بشكل وافٍ وغير قابل للتأويل وأن لم تكن واضحة فستفسر لصالح الفاعل السياسي.
5- يحدد ويفصل الحد الأعلى للصرف المالي ومحاسبة من يخالف من جهتين {من أين لك هذا ولماذا تتجاوز على القانون}
6- لا بد من تحديد فترة زمنية من 2-4 أسابيع وليس ثلاثة أشهر أو أكثر كما حددها القانون الحالي فقد أجاز القانون ببدأ الدعاية الانتخابية منذ المصادقة على المرشحين وهذه فترة طويلة جداً عند قياسها بالدول الأخرى فهي أضعاف فترات الحملات الانتخابية في الدول الديمقراطية.
7- إذا عجز القانون الانتخابي عن تفصيل هذه الفقرات فيمكن أن يشرّع قانون خاص {قانون الجرائم الانتخابية} لا يترك ثغرة إلا أحاط بها.
هذه أهم الفقرات التي يجب أن يفصلها القانون أو أن يشرّع لها قانون جديد.
هنا لا بد من الإشارة بأن المفوضية اليوم يقودها قضاة وهناك هيئة قضائية انتخابية كلهم من الصنف الأول والقانون لم يفصّل موضوع الشكاوى هل أمام مجلس المفوضين القضاة أم امام المحكمة القضائية الانتخابية … الخ.
أما الفصل الثامن من القانون الانتخابي {الأحكام الجزائية } كذلك يحتاج إلى تفاصيل وتحديد جهة التقاضي والجهة التي تحسم الطعون.
والفصلين السابع والثامن هما موجودين بكل فقراته في القوانين الانتخابية السابقة وبنفس الإشكالات، لذا لم يتم معاقبة أي حزب أو مرشح سوى الغرامات المالية وقد دفعتها الأحزاب وبكل بساطة وتكرر ذلك في كل دورة انتخابية.
الخلاصة:
ستستمر هذه المخالفات ما لم تفصّل بمواد وفقرات واضحة وجليّة في القانون الانتخابي أو أن يشرّع قانون خاص للعقوبات والجرائم الانتخابية يغطي ويفصّل كل المخالفات والجرائم الانتخابية ويثبت العقوبات المترتبة عليها، وجِهة التقاضي وحسم كل الطعون.
ويجب أن لا ننسى بأن بقاء أشخاص أو أحزاب أو مسؤولين فوق القانون وخارج المساءلة سوف لن ينفع معه أي تعديل قانوني أو أية مراقبة لتشريع قانون، فهذه الفقرة أُس المشاكل والمخالفات، يجب أن تكون حملة واسعة ليتساوى الجميع أمام القانون ولا يسمح لأحد أن يكون فوق القانون وخارج المساءلة مهما كان.