حوار خاص مع السياسية العراقية شروق العبايجي – الجزء الأول

أجرى الحوار/ كيرلس عبد الملاك

أجرت منصة رؤى شرق أوسطية حواراً مع المهندسة شروق العبايجي، العضو السابق في البرلمان العراقي، والأمينة العامة للحركة المدنية الوطنية في العراق، وقد تناول الحوار  الوضع السياسي في دولة العراق في ظل التطورات التي لحقت بها منذ اندلاع انتفاضة تشرين حتى اليوم.

بعد مرور أكثر من عامين على انتفاضة تشرين ، هل ترين أن هناك نتائج واقعية قد تحققت على الأرض تحقيقاً لمطالبات الانتفاضة؟

  • مما لا شك فيه أن انطلاق انتفاضة تشرين في الأول من كانون الأول في عام 2019، شكل هزة عنيفة مفاجأة للطبقة السياسية الحاكمة وللعالم أجمع، بقوة هذه الانتفاضة وتزايد زخمها رغم سقوط أعداد كبيرة من الشهداء منذ اليوم الأول لها، وبهذا فهي قد أحدثت متغيرات كثيرة في الواقع العراقي وتحديداً في المشهد السياسي الذي تغيرت ملامحه العامة منذ استقالة حكومة عادل عبد المهدي حتى تداعيات الانتخابات الأخيرة، والمتغير الأهم هو بروز قوى وفئات شبابية عريضة أصبحت معنية بالشأن الوطني العام ويُحسب لها ألف حساب من قبل كل الجهات والأطراف المعنية داخلياً وخارجياً.

قد لا تكون المطالب الرئيسية للانتفاضة قد تحققت بشكل واضح خصوصاً فيما يتعلق بمحاكمة قتلة المتظاهرين، ومحاسبة الفاسدين الكبار قبل الصغار، وإنهاء منظومة المُحاصصة السياسية والطائفية، التي يعلم الجميع أنها السبب الأساسي لكل الخراب الذي حصل بعد عام 2003 ، ولكن المُتغيِّر الأساسي الذي يُلمس بشكل واضح هو اعتراف الجميع بأن انتفاضة تشرين سحبت الشرعية من الطبقة السياسة الحاكمة برمتها، وبهذا تغيرت الحسابات الدولية والإقليمية والمحلية بشكل جوهري، خصوصاً من قبل الدول الإقليمية المؤثرة في القرار العراقي،وأصبحت هناك ملامح جديدة بالتعامل مع الواقع العراقي تختلف كلياً عن ما قبل تشرين. كما تغيرت أدوات التأثير وأشكال التدخلات السياسية، وباتت التصريحات الخارجية تؤكد على استقلالية القرار السياسي العراقي بعد أن كانت نفس هذه الجهات تسمح لنفسها بإطلاق التصريحات التي تتبجَّح بالتبعية العراقية لهذا الطرف أو ذاك، وأصبحنا نلمس بعض الحساب لرأي الشعب العراقي في الكثير من المفاصل بعد أن تم تجاهله لفترة طويلة.

بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي، بسبب أحداث تشرين وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا في أحداث جسر الزيتون في محافظة ذي قار،  تم طرح العديد من أسماء المرشحين لرئاسة الوزراء من قبل القوى الشيعية المُتنفِّذة، ولكن ساحات الاحتجاج التشرينية رفضتهم جميعاً كونهم من التابعين لأحزاب السلطة، وكانت أسماء المرشحين تُرفض أحيانا قبل طرحها بشكل رسمي،  واستُبعدت شخصيات كثيرة بسرعة فائقة بالرغم من مكانتهم ومواقعهم وقوة الجهات التي تقف خلفهم، وبهذا دخل عامل جديد إلى الحسابات السياسية التي كانت تتجاهل تماماً رضى الشعب ومقبولية المرشحين لمنصب رئيس الوزراء، وأصبح المعيار الأول لمثل هذه الترشيحات هو عدم معارضة الشباب التشريني لأي شخص قد يفكرون بتوليه هذا الموقع، وبدأت عملية البحث عن أشخاص يتمتعون بصفة مستقلة عن أحزاب السلطة ومن يقف ورائها من الدول الإقليمية والدولية، وإن تم الأمر بطريقة ظاهرية غير جوهرية.

– ما تقييمك لتوفر العوامل الموضوعية والذاتية لنجاح انتفاضة تشرين العراقية؟

  • الانتفاضة كانت متوقعة من قبل العديد من المهتمين والمراقبين للوضع العراقي ولكن ليس بالشكل الذي أتت به بهذه القوة والزخم الجماهيري والتعاطف والمشاركة من قبل كافة فئات المجتمع العراقي في كل مكان.

العامل الموضوعي الأساسي هو فقدان الثقة الكامل بالطبقة السياسية الحاكمة، وانعدام الأمل في تغيير أدائها المبني على تقاسم المغانم فيما بينها من خلال منظومة المحاصصة الطائفية السياسية، مع الإصرار على تجاهل أبسط مصالح المواطن العراقي الأساسية.

كذلك فان انتفاضة تشرين لم تأت من فراغ أو بشكل فجائي، فبعد العديد من الاحتجاجات الواسعة التي امتدت لفترات طويلة في 2011 و2015 حتى 2018، واستمرار الاحتجاجات للفئات والشرائح المختلفة في مناطق العراق المختلفة المطالبة بالحقوق الفئوية للخريجين وأصحاب العقود، وكذلك المطالبين بالخدمات مثل الماء والكهرباء وغيرها، وكان تجاهل هذه الاحتجاجات ومطالبها قد ولد غضباً متراكماً على مدى السنين عندما لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تلبية أبسط مطالبها. وزاد من مشاعر الغضب والاستياء طريق تعامل السلطات التعسفية معها، إذ واجهت هذه الاحتجاجات الواسعة بالقمع والملاحقة والتشهير وغيرها من الأساليب المُجحفة بحق الشعب.

العامل الموضوعي الآخر هو ازدياد مظاهر التدخلات الخارجية في القرار السيادي العراقي، وتفاقم شعور المواطنين بأنهم في بلد لا يملك أية مقومات للسيادة خصوصاً في الجانب الأمني والاقتصادي بالإضافة إلى السياسي.

العامل الثالث هو تزايد مظاهر الفقر والبطالة خصوصاً بين فئات الشباب الواسعة، وعدم وجود برامج حقيقية لاستيعاب هذه الطاقات المُعطلة، بالرغم من توفر الموارد المالية والبشرية والحاجة الماسَّة للتنمية المستدامة، إلا أن الفساد المُستشري في مفاصل الدولة والمجتمع أضاع كل الفرص المتوفرة لمعالجة هذه المشاكل الجوهرية بطرق سليمة تعود بالفائدة على المجتمع ككل، في نفس الوقت الذي فيه تزداد الهوة الفاحشة  بين الشرائح الطفيلية  التي تعتاش على الفساد وبين الفئات والطبقات المهمشة والفقيرة بشكل غير منطقي أبداً.

أما العوامل الذاتية فهي نتاج لكل العوامل الموضوعية أعلاه، مع تراكم الخبرة الاحتجاجية وانفجار الغضب الجماهيري بطريقة غير مسبوقة، بعد أن تم قمع العديد من الاحتجاجات المتفرقة، مما أدى إلى تصاعد شعور التحدِّي للسلطة القمعية المتعالية على شعبها .

في الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول (أكتوبر) سقط العديد من الشهداء من المتظاهرين على يد قناصين مجهولين في مناطق مختلفة خصوصاً عند مستشفى الجملة العصبية وعند مول النخيل وساحة الطيران وغيرها، وبعد كل هجمة على المتظاهرين تزداد الحماسة لدى الشباب بسبب الشعور بالظلم وضرورة الصمود والتصدي للقمع بسلمية. وكانت هذه الأخبار تنتقل بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فتخرج جماعات أخرى من مناطق مختلفة لتأييد ونصرة المتظاهرين السلميين، وأصبحت أسماء المناطق التي تنطلق منها الاحتجاجات تتزايد وتصبح مصدر فخر وتنافس على الشجاعة والتضحية وصور التلاحم الوطني الرائع بين المحتجين في كل منطقة من مناطق بغداد أولاً، ومن ثم انتقلت الى بقية المحافظات خصوصاً في الوسط والجنوب، ومن ثم تطورت أساليب الاحتجاج لتصبح كل محافظة لها ساحاتها وبياناتها وطريقة تعاملها مع تطورات الأحداث بأشكال مختلفة من السلمية الكاملة إلى المواجهات العنيفة مع القوات الأمنية وصولاً إلى حرق مقرات الأحزاب وغلق دوائر الدولة الرسمية وتعطيل الدوام في المدارس.

وكانت مظاهر التضامن المجتمعي الرائعة مع المحتجين قد غذَّت الحماسة والتلاحم الوطني خصوصاً عندما ساهم أصحاب (التكتك) بعمليات إنقاذ الجرحى ونقلهم إلى المستشفيات، وتواجد الأطباء والطبيبات والمُسعفات في الساحات، ومساهمة النقابات والاتحادات مثل نقابة  المعلمين والمحامين واتحاد طلبة بغداد وبقية المحافظات، حتى العشائر اصبح لها تمثيلاً احتجاجياً مسانداً للمتظاهرين.

من أهم العوامل الذاتية التي رفعت زخم الاحتجاج كان استمرار سقوط الشهداء بشكل يومي مما جعل بقية المتظاهرين يشعرون بمسؤولية وطنية كبيرة ممهورة بالدم تمنعهم من التفاوض مع السلطة بشكل مباشر، أو التنازل عن المطالب التي طرحت عند اندلاع الانتفاضة منذ بدايتها.

 

– هل نستطيع القول إن الشارع العراقي بانتفاضة تشرين تجاوز الأحزاب الكلاسيكية وهناك أفق ببروز تيار أو تيارات سياسية جديدة؟

  • نعم بالفعل حدث هذا الأمر أثناء الانتفاضة وبعدها أيضاً، فقد شكل شعار (نريد وطن) المزلزل إدانة مفزعة لكل الأحزاب الكلاسيكية القائمة على الأسس الطائفية والهويات الفرعية، وبهذا تم سحب الشرعية عن منظومتهم السياسية الفاسدة، وعن الطبقة السياسية الحاكمة التي كانت تدعى، حتى ذلك الحين، أنها شرعية ومنتخبة من الشعب.

وكانت مطالب ساحات الاحتجاج التي مهرت بدماء الشهداء تتبنَّى بشكل واضح ضرورة بناء الدولة المدنية كمطلب شعبي عام، ورفع الهوية الوطنية العراقية فوق كل الهويات الفرعية مهما كانت مسمياتها، وكانت هتافات الجماهير ترفض بقوة تبعية الأحزاب الحاكمة التقليدية إلى دول إقليمية، وتدينها لأنها تعمل لمصالح هذه الدول أكثر مما تعمل لمصلحة العراق وشعبه.

جائت انتفاضة تشرين بعفوية صادمة للجميع، وكان الهاجس الأكبر لدى المُنتفضين هو إثبات استقلاليتهم عن أية جهة سياسية، وأنهم لا يملكون أية أهداف خاصة غير الحفاظ على حرمة دماء الشهداء والإخلاص للمطالب التي قامت من أجلها الانتفاضة، فكان شعار (الوعي قائد) يعيق بروز شخصيات قيادية للتجمعات والتشكيلات التي أصبحت معروفة ومرتبطة بالدرجة الأساسية بالمحافظات والساحات مثل الحبوبي والتحرير وغيرها، خوفاً من استهدافها من قبل السلطة أو مساومتها وشرائها، فكانت هناك حملات رفض شديدة وإدانة غاضبة لكل من يحاول أن يقترح تشكيلات منظمة بأي اسم أو بأي مرحلة وكانت تصل الى حد الاتهام بالخيانة لدماء الشهداء.

ولكن بعد مرور الذكرى السنوية الأولى لانطلاقة انتفاضة تشرين، بدأت العديد من المجاميع الشبابية بتشكيل تنظيمات وقوى سياسية حاولت أن تكون الضد النوعي للأحزاب التقليدية القائمة على الهويات الفرعية تحت الوطنية. ومع أننا شهدنا حالات نشوء أحزاب تعتبر نفسها أتت من رحم انتفاضة تشرين إلا أنها ابتعدت عن المسميات التشرينية المباشرة، حتى لا تُتهم بأنها تستغل تضحيات الشهداء من أجل مصالح سياسية ضيقة، واشتغلت هذه الأحزاب على تطبيق فكرة المشاركة بالانتخابات لمنافسة الأحزاب التقليدية وإزاحتها تدريجياً من خلال المعارضة البرلمانية وعدم المشاركة في تشكيل الحكومة أو منظومة المُحاصصة السياسية.

وجائت نتائج الانتخابات الأخيرة لتخلق صورة جديدة في المشهد البرلماني من خلال صعود أعداد لا بأس بها من الوجوه التشرينية إلى السلطة التشريعية الرقابية العليا في العراق، في حين بقيت أعداد كبيرة من هؤلاء التشرينيين بعيدين عن المشاركة ورافضين لكل أشكال المساهمة في هذه المنظومة واستمروا في المطالبة بإزاحة كل الطبقة السياسية الحاكمة وتغيير قواعد العمل السياسي بشكل جذري من خلال مشاريع المعارضة الوطنية العامة لكل المنظومة السياسية وركائزها ورموزها وأحزابها.

– هل هناك ما يدفع لانتفاضة عراقية أخرى مثل انتفاضة تشرين؟

  • لا تزال العوامل الموضوعية والذاتية لانطلاق انتفاضة تشرين قائمة وتزداد تعقيداً وسوءاً، ونستطيع تلمُّس مظاهر تراكم حالات الغضب والإحباط من استمرار نفس النهج في قمع المتظاهرين وملاحقتهم، وعدم الجدية في محاسبة قتلتهم أو الافراج عن مختطفيهم مثل سجاد العراقي وباسم الزعاك والعشرات في مختلف المحافظات والمناطق.

أنتجت تشرين، كانتفاضة وحدث، ثورة من الوعي الوطني والشعور بالمسؤولية تجاه ما يحدث في العراق من تدهور الأوضاع على كافة الأصعدة، وبرزت نخب شبابية حاولت تنظيم نفسها بأشكال مختلفة ومسميات مختلفة للاستعداد لما يمكن أن يحدث من انتفاضة أخرى يتوقع الجميع أن تكون أكثر قوة وغضباً، وستبرز الحاجة إلى قيادات واعية لديها خبرة تنظيمية وقيادية للتعامل مع هذا الحدث بصورة مختلفة عن 2019، خصوصاً بعد الغربلة التي حصلت لكل الوجوه البارزة لانتفاضة تشرين،  ما بين الصمود ضد المغريات والتهديدات والاستمرار بالمطالبة بتحقيق أهداف انتفاضة تشرين، وبين قبول البعض للهبات المالية والدعم السياسي من رموز السلطة، ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء الذين تعاملوا مع أحزاب السلطة ورموزها قد خسروا كل شيء، فلم يحصلوا على أبسط الأصوات الانتخابية وتم لفظهم من قبل الجماهير وأيضا من قبل الجهات السياسية التي عوَّلت عليهم لسحب بعض الدعم التشريني لها.

تستند القوى الطائفية والإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي على فئات حاضنة اجتماعية طفيلية، ما تقييمك لذلك؟

  • مر المجتمع العراقي قبل عام 2003 وعلى مدى أكثر من عقدين، بكوارث صادمة ومتتالية بسبب السياسات الديكتاتورية البشعة والحروب العبثية وحصار اقتصادي جائر امتد لأكثر من 13 سنة، خلفت هذه السياسات والكوارث اختلالات مجتمعية وطبقية وثقافية ونفسية كثيرة.

بسبب الحصار الاقتصادي على العراق انهارت الطبقة الوسطى العراقية، التي كانت هي العمود الفقري للمجتمع العراقي وتمثل قيمه الاجتماعية والثقافية الحضارية والمتميزة بالتسامح والتعايش ما بين مختلف أفراد المجتمع على اختلاف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية.  وبسبب السياسات الشمولية للنظام الديكتاتوري وللسيطرة على كافة مفاصل المجتمع والدولة تم استبدال هذه القيم الحضارية قسراً، بالقيم العشائرية والمناطقية ونشر الخوف والعسكرة والتعصب، لتبرير الحروب وعمليات الإبادة الجماعية لمختلف فئات الشعب العراقي. لكن حتى هذه القيم المصطنعة الجديدة لم تتسم بالطائفية والمذهبية كما حصل  بعد 2003، حيث وظَّف الإسلام السياسي بكل صنوفه هذه الاختلالات بأبشع الطرق لإثارة النزعات المكوناتية والمناطقية والعمل على تأجيج الصراعات الطائفية بشكل أساسي، وساهمت جهات داخلية وخارجية في ذلك، خصوصاً بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء في فبراير من عام 2006، حيث تصاعدت عمليات التهجير والتطهير العرقي والطائفي في مناطق واسعة في البلاد كانت معروفة بتنوعها المجتمعي بكل أشكاله، وأصبحت ذات سمة طائفية محددة، فُرضت بالقوة والترهيب الدموي لمن لا يخضع ويرفض التماهي مع هذه الممارسات، وبالتالي استُخدمت هذه المناطق جغرافياً وبقدر أقل اجتماعياً، كحواضن للتطرف والعدائية المتبادلة.

وبالرغم من الأهوال التي شهدتها هذه المناطق نتيجة الصراعات الطائفية المصطنعة، إلا أن حالات عديدة من الرفض والمقاومة برزت هنا وهناك تعكس بقايا القيم المجتمعية الأصيلة لهذه المجتمعات العراقية. وقد جائت انتفاضة تشرين لتقطع دابر كل المحاولات لإعادة الطائفية والتعصب، حيث أكدت شعاراتها والممارسات التي رافقتها على وحدة العراقيين مهما اختلفت انتماءاتهم الدينية والمذهبية، ووسمت بالعار كل من يحاول العودة الى الخطاب الطائفي، وبهذا توسعت الفجوة القائمة ما بين الشعب الذي بدأ يصر على هويته العراقية من جهة، والطبقة الحاكمة المتمسكة بهوياتها الفرعية، من أجل ضمان حصصها من الكعكة، من جهة اخرى.

 

يتبع في الجزء الثاني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *